بن داكو…

الكاتب AHMED AANIBA بتاريخ 09/04/2015 على الساعة 10:01 - 1721 مشاهدة

كان يوم إثنين يوم اغبر، إذ ابتدأ بمعاناتي مع وسائل النقل، انتظار لدقائق عديدة تحت الأمطار وفوق الوحل علها تشرف سيارة أجرة من الصنف الأول أو التاكسي الكبير، كنا ننتظر في طابور يمتد على طول الشارع و كاننا على مشارف إستقبال مسؤول كبير “مول التاكسي” .دخل البعض في حوارات تنائية حتى ينسوا تعب و رتابة الإنتظار: “الخير هذا ” ” الله يعطيها على قد نفع ” كانت كلمات التفاؤل و الابتهال تتردد بالرغم مما سببته لهم الأمطار من متاعب وبلل .téléchargement (4)

أخيرا وصلت إلى عملي ” محل طرف خبزي” ،التحقت بالمكتب،وكان في انتظاري زميلي “ياسين”، شرعنا في تدارس، مراجعة و معالجة الملفات الكثيرة التي غطت مكتبينا، في الوقت الذي خلت فيه المكاتب الثلاثة الأخرى المجاورة من أي نفس أو حركة ، مكاتب سنت لبعض الأشباح ،حجبت عنها أعين الرقابة والمحاسبين . قضيت اليوم كله و أنا أتردد بين الفينة و الأخرى على مكتب الرئيس إذ استأنس وأحب مناداتي من أجل كل صغيرة وكبيرة : ” سي هشام أجي عندي الله يخليك ، هاك هاد الضوسي، أش بان ليك ، نضيه ليا اليوم”، إلتفت إلى الساعة فإذ بها السادسة مساءا، إنقضى اليوم دون أن أشعر بمرور الوقت تحت ضغط العمل والتنقلات بين مكاتب مختلف المصالح. غادرت المكتب بعد قضاء حوالي ساعتين إضافيتين دونما أيما تعويض مادي أو حتى معنوي عنهما و عن أي من مثيلاتهما،انصرفت أملا أن يكون يوم غد أفضل و أقل عناء ، حلم مرت حياتي المهنية في انتظاره دون تحققه. قصدت المقهى المعتاد ، جلست على إحدى الطاولات المنزوية لأنها تكون أقل ضجة ، و شرعت في تصفح الجريدة ، بجواري كان ثلاث أشخاص تبدو عليهم علامات النعمة و الراحة وجوه بشوشة ضاحكة “ضاربة الدنيا بركلة”، وفجأة وقف أحدهم ليلقي التحية ويبادر شخصا رابع بالعناق كان قد التحق بهم للتو و قدمه لباقي مجالسيه: “كانقدم ليكم سعيد بن داكو صديق الطفولة و الدراسة” .إنتزع هاد الأخير كرسيا كان بقربي دون أن يطلب الأذن ودون أي لباقة تذكر ، إنسجام في أحاديث عديدة وكانت محاولاتي للتركيز على محتوى الجريدة تبوء بالفشل، كانت اصواتهم عالية و ضحكاتهم تصل إلى مسامعي .téléchargement (3) سمعت المدعو “سعيد بنداكو” يفيد باقي أصدقائه أنه يعمل كإطار بإحدى الوزارات و أن خاله “عزيزي” المسئول الكبير في أم الوزارات قد اتصل برئيسه في العمل و ” وصاه عليه” و أن بهذه المكالمة الهاتفية أعقته من كل التزاماته المهنية بما فيها الالتحاق أو التردد على العمل و أنه يقتصر على الظهور بالإدارة مرة كل أسبوع فقط من أجل إشعار باقي زملائه في العمل أنه ما يزال على قيد الحياة. و بعد الانتهاء من سرد قصته، تناوب باقي مجالسيه على روايات مشابهة حيث تدخل الأول و قال أنه يعمل بدوره في إحدى المندوبيات و أن ( نسيبو الديفيزيونير اتاصل بيه مع المندوب)، فأعفاه هذا الأخير من الحضور إلى المكتب بدعوى أنه مكلف بمهمة التنسيق مع الإدارة المركزية، بعد ذلك شرع في تجارة السيارات المستعملة، أما الثاني فقد أدهشني بقضيته حيث قال أنه ابن أخت رئيسه في العمل و أنه لم يسبق له أن التحق أصلا بمكتبه حتى لا ينتبه باقي الموظفين إلى وجوده معهم و أنه مند خمس سنوات و هو يشرف على تسيير مقهى خاله، أما ثالثهم فلم يتأتى لي التركيز على تصريحاته لأنني وقتها قارنت بين حالتي و بين قصص جيراني في المقهى ليتأكد لي أنهم كلهم من عائلة واحدة و هي عائلة “بن داكو” مع وضع ثلاث نقط فوق حرف الكاف.


مواضيع من نفس القائمة

أضف تعليقك

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.