ما نشوفوكش ……

الكاتب AHMED AANIBA بتاريخ 06/07/2015 على الساعة 12:37 - 1168 مشاهدة

imagesبعدما استقلت القطار المتوجه إلى الرباط توجهت صوب مقطورة الدرجة الاولى نظرا للازدحام المهول الذي تعرفه فئة الدرجة الثانية ، بالرغم من غلاء التذكرة مقارنة مع الخدمة المقدمة من طرف قطارات الخليع. جلست أمامي فتاة في أوسط الثلاثينات ذات قوام دكالي ووجهي أمازيغي وعيون ريفية و شعور حوزية، كانت تتحدث في الهاتف بلكنة فاسية. كنت اختلس النظر إليها بين الفينة والأخرى وأقول في ذهني أهي مضيفة أم خبيرة تجميل أو مكلفة بالعلاقات العامة إلخ .. رن هاتفي هو الأخر وكان مخاطبي أحد وكلائي، فكان جل حديثنا تتخلله مصطلحات ومساطر قانونية وانهينا المكالمة قبل الوصول إلى محطة المحمدية. فسألتني صاحبتنا بابتسامة مغازلة : ” اسمحلي نسولك ,واش أنت محامي؟ فأجبتها: ” تقريباً”، فسألتها بدوري : “واش عندك شي قضية مستعصية !!!!” فقالت بنبرة متحسرة : ” أبخسني اخواني الذكور نصيبي وحقي في تركة والدي، بعد أن هاجرت إلى الخليج حيث اشتغلت في بدايتي كمصففة شعر وكنت أبعت كل مدخراتي أولاً بأول إلى والدي كنت البقرة الحلوب بالنسبة لعائلتي، أنا من يطعم ويلبس ويدرس ويعرس، وكنت الضامنة الاجتماعية لكل الاسرة . لكن بعد وفاة ابي تنكر لي الجميع بعد ان تعرفوا على مهنتي الحقيقية وكان جزاء بيع لحمي الأخضر من أجل بقائهم وسترهم وتوفير العيش الكريم نبدٌ ونفور وإقصاء للأسف، لم يكفي اخوتي الأكل من لحمي ودمي و أن يسرق شبابي وصحتي واخرتي التي خسرتها في المعاصي بل سرقوا مني حتى نصيبي الشرعي في الميراث بعد أن تزوجوا و تاسلموا وكل هذا بأموال التي كنت أحولها لهم من الخليج ، وأردفت قائلة كنت أمني النفس بعد الرجوع إلى وطني أن أجد ما يكفي لضمان عيش محترم بين أبناء جلدتي” وبدأت تذرف بعض الدموع الممزوجة بكحل العيون المتساقطة على الخدود الحمر، فتكونت أمامي لوحة تراجيدية، اسميتها ؛ جمال وشقاء وغبن الاشقاء. وسألتها مقاطعا : “هل لديك حجج أو إثباتاتتتبث صحة ما تدعين ” قالت : “حوالات باسم والدي المتوفى الذي كتب المنزل والمتجر باسم اخوتي الذكور” وسالتها هل عندك تامين أو ضمان اجتماعية فقالت : ” لا، على الرغم من أن مهنتي من أقدم المهن”، وأردفت قائلة : “طفروه حتى ألي خدامين” قلت لها : “ماذا تقصدين !!!!”، فأجابت بسؤال : ” ألا تعلم بمشكل صناديق التقاعد بالمغرب !!!!” فقلت : بلى، فاسترسلت قائلة : “مشكلة صناديق التقاعد مثل مشكلتي ندفع بالأول ونتبهدل في الأخير”. ” دقيقة للوقوف محطة الرباط أكدال” كان صوت السيدة الالية التي نبهتني بمحطة وصولي و استأذنت محاورتي متمنيا في قرارة نفسي أن “يشوف الله من حالها ” ، وأنا أهم بنزول همست في أذني وقالت : “أجي أنت بعدا ما نشوفوكش “



مواضيع من نفس القائمة

أضف تعليقك

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.