يحتفل معظم العشاق بعيد الحب الذي يصادف الرابع عشر من الشهر الجاري من كل سنة، أو ما يعرف بعيد القديس “فالانتاين”، وهي فرصة لكل العشاق للتعبير عن مشاعرهم وعواطفهم للطرف الثاني، بعضهم يقدم هدية من الورد، وبعضهم يقدم هدايا إما مادية وثمينة أو معنوية بسيطة، فيما يفضل البعض نظم قصائد شعرية غرامية… لكن هناك شريحة أخرى من الشباب لا تقدم فيه شيئا للطرف الآخر، لأنهم لا يؤمنون بهذا العيد ويعتبرونه دخيلا على ثقافتنا العربية و بدعة من المستحدثات التي خرقت التربية الإسلامية للمجتمع.
الباحث عن جذور عيد الحب يجد أن لها أصولا كاثوليكية، فقد حمل ثلاثة قديسين اسم “فالانتاين” أو “فالينتينوس” في رواية أخرى، وأسهم كل منهم في إرساء هذا التقليد العريق عبر جهوده من أجل الحب، فقد كان أحد هؤلاء القديسين يعقد مراسيم الزواج بصورة سرية و غير قانونية، بعدما منع الإمبراطور الروماني “كلوديوس الثاني” زواج الشباب في سن مبكرة، أما القديس الثاني فقد سجن ووقع في غرام بنت “سجابة” وبعث إليها برسالة تحمل توقيع “المحب لك فالنتين”، و تقول جل الروايات، أن الثالث ربما توفي في منتصف فبراير، وهو سبب احتفالنا بعيد الحب في الرابع عشر فبراير من كل سنة.
اللون الأحمر يؤثث العديد من المراكز التجارية بالرباط، الأشرطة، الدببة والقلوب المختلفة الأحجام تزين واجهاتها الزجاجية إيذانا بحلول عيد العشاق. يوم في السنة يسعى من خلاله المحبون حول العالم للتعبير عن مشاعرهم، وتقديم الهدايا عربونا لحبهم ومودتهم. “سان فالنتان” كما يسميه الأوروبيون مناسبة لإحياء ذكرى القس فالونتان الذي ضحى بحياته في سبيل نشر قيم المحبة. تشير الرواية لحكم الإمبراطور الروماني” كلاوديس الثاني” في القرن الثالث ميلادي، وبالتحديد حادث إعدام القس الذي عارض بعض أوامر الإمبراطور فيما يتعلق بمنع زواج الجنود، بعد أن لاحظ بأن العازبين يقاتلون بشراسة عكس المتزوجين . إلا أن القس فالونتان بقي وفيا لخدمة “الحب “واستمر في تزويج العشاق خلسة داخل كنيسته، فقرر الإمبراطور إعدامه جراء فعلته، ليتحول بذلك إلى شهيد للحب.
حركة دؤوبة بأحد المحلات التجارية في العاصمة، أناس من فئات عمرية مختلفة يلجون لرؤية الهدايا والسؤال عن الأسعار. العاملون يرتبون الديكورات المعروضة وفق الرفوف المخصص لها، والمكلفة بالصندوق تبدو منشغلة في لف الهدايا التي اقتنتها ليلى لأقاربها، تقول:” في كل سنة أحتفل بعيد الحب الذي يمثل بالنسبة لي مناسبة مميزة، أعبر فيها عن مشاعري تجاه الأشخاص الذين أكن لهم كل حب ومودة، العيد لا يقتصر على الحبيب وحده بل يشمل كل الأقارب والأحباب. لهذا الغرض أحرص على اقتناء الهدايا التي تناسب كل شخص وبطبيعة الحال تتلاءم مع ميولاته وذوقه”.
تفضل فاطمة الاحتفال على طريقتها، حيث تقوم بتحضير كعكة خاصة بالمناسبة وتدعو صديقاتها غير المرتبطات لمشاركتها.” لست مخطوبة أو متزوجة، رغم عدم وجود شريك في حياتي إلا أنني دأبت على هذا التقليد السنوي، نجتمع، نضحك ونرقص. أعتبره احتفالا بالعزوبية، نفرحوا بالحرية ديالنا قبل ما نتزوجوا ويحكموا فينا الرجال”. تقول ضاحكة.
هدايا عيد الحب تختلف حسب الأذواق وطبيعة الشخص المهدى إليه، كما أنها تتفاوت حسب القدرة الشرائية للمواطنين الذين يرغبون الاحتفاء بها. فيما يخص علبة الشوكولاتة على شكل قلوب والتي يقبل عليها الشباب من الجنسين، فيتراوح ثمنها ما بين 200 و 750 درهم. وقد يرتفع الثمن إذا تعلق الأمر بديكورات أخرى كالسلال مثلا، يرتفع ثمنها كلما تزايدت طبقات الشوكولاتة بها، حيث يصل ثمن الواحدة إلى 1000 درهم فما فوق. تقول سناء:” من وجهة نظري الشوكولاتة هي أحسن هدية يمكن تقديمها للشخص الذي نحبه، خاصة تلك التي يتم تشكيلها في إطار قلب أحمر. بعث هدية مهما كانت قيمتها تصرف يحسب للإنسان، والهدايا لا تقاس بثمنها بل بحمولتها المعنوية”.
أساور، أقراط، عطور، قلوب حمراء، دببة بلون الزهر والشموع هي أبرز الهدايا التي يقتنيها غالبية الشباب لنصفهم الثاني، توضح إلهام، بائعة:” نشهد دائما في هذا الوقت من كل سنة رواجا كبيرا، خاصة من لدن الشبان في العشرينات من العمر، وتتجلى أغلب الهدايا التي تلاقي إقبالا من طرف زبنائنا في: العطور بجميع أنواعها، الدببة والقلوب التي تحمل عبارات الحب”.
عيد الحب يشكل فرصة لانتعاش محلات الهدايا التي تتسابق لتزيين مداخلها بأشكال مختلفة، وأشرطة حمراء متدلية لجذب الانتباه وحث الوافدين على الشراء، إلا أن غلاء الأسعار التي تضعها يدفع المواطن البسيط لاقتناء أشياء أخرى أقل ثمنا، يقول المختار:” فكرت أن أهدي لزوجتي عطرا لكن ثمنه باهض جدا، وأنا على قد حالي، لكن غير بعيد عن المحل الذي ارتدته، وجدت شخصا يبيع أغطية للرأس بأثمنة مناسبة 30 درهم، لا غلا على مسكين”.
شراء الهدايا وتبادلها لا يعني أن جميع المغاربة يحتفلون بعيد الحب، فارتفاع الأثمنة، ضعف القدرة الشرائية والمشاكل اليومية تجعل البعض ينتقد استغلال مثل هذه المناسبات.” آش من حب بقى هاد الزمان باش يحتفلوا بيه، واش واحد ما شبعانش حتى في كرشو غادي يحب، عيد الحب برأيي خاص فقط بالأغنياء الذين يجهلون كيف يصرفون نقودهم”. يضيف المختار بسخط شديد.
رغم إشارة إحدى الدراسات للمغاربة كأكثر الشعوب العربية احتفالا بعيد الحب بعد مصر ولبنان، إلا أن فاطمة الكتاني، أخصائية العلاج النفسي ترى العكس، معتبرة أننا في المغرب لا نحتفل بالفالنتاين كما تفعل مصر على سبيل المثال، حيث تبرز مظاهر الاحتفال بشكل مكثف في كل مكان، وتكتسي كل المحلات حلة مختلفة لتفسح المجال للون الأحمر كرمز للحب.