لا أحد ينكر أن مؤسسات السلف تؤدي خدمات للمتعاملين معها تجعلهم «يحلون» بعض مشاكلهم المادية أو الاجتماعية الطارئة، على الرغم من نسب الفائدة ومستلزمات الملف.. لكنها في نفس الوقت، وبدل تفهم الوضعية لبعض الزبناء فإنها تضع الجميع في سلة واحدة وتتقدم ضدهم بدعاوى استرجاع السيارة للتماطل في الأداء، حتى وإن كان الزبون قد أدى الأقساط المتضمنة لمبلغ السيارة ولم يبق له سوى بعضها القليل مما يرجعه إلى وضعية المشاكل من جديد.
على طول شوارع العديد من المدن المغربية الكبرى، تنتصب أمامك لوحات إعلانية ضخمة تدعو إلى الاقتراض بشروط تقول عنها إنها ممتازة.
إذ تغري المقبل عليها عن طريق عبارات في غاية البساطة، مدة طويلة للسداد وفوائد قليلة ومبلغ مادي قليل يدفع كل شهر. لعبة الإغراء هذه التي تمارسها شركات القروض، يقبل عليها طبعا الآلاف من المغاربة أصحاب الدخل القار الضعيف أو المتوسط، الذين يجدون أنفسهم تحت وطأة الراتب غير الكافي لتلبية كل المتطلبات، أو تحت تأثير قدرة الوصلات الإشهارية الخطيرة على الإقناع، التي ترسم صورة المنقذ من جميع المشاكل المادية، لينخرطوا في لعبة تسر بدايتها، لكن عاقبتها، سنوات طويلة بين ردهات المحاكم قد تصل أحيانا إلى العقوبة السالبة للحرية.
وما يعمق مأساة الأسر المعوزة، من المياومين والعمال وذوي الدخل المحدود، الإغراءات التي تمارسها عليهم الحملات الإشهارية التي تنخرط فيها مؤسسات السلف المختلفة، عبر وسائل الإعلام واللوحات الإشهارية التي تسهل السقوط في كمين القروض، وتعمق مديونية الأسر.
ورغم محدودية الدخل، وعدم انتظامه بالنسبة إلى فئات واسعة من المواطنين، إلا أن البنوك ومؤسسات السلف المختلفة لا تتردد في إغراقهم في قروض جديدة قد تعصف بالأجرة كاملة، في غياب أي حماية، وهي الأوضاع التي تتسبب في مآس اجتماعية.
وفي غياب قوانين تحمي المستهلك من غول القروض، يصبح ذوو الدخل المحدود لقمة سهلة للاصطياد من قبل المؤسسات البنكية التي لا تتردد في استرجاع أموالها بكل الوسائل، خاصة أمام غياب الوعي بمضامين العقود التي يتم توقيعها ولا بنسب الفوائد المرتفعة، والتي لا يتم الكشف عنها بوضوح في العقد.