غسالو الموتى وحفاري وحراس المقابر.. أحياء في مملكة الأموات

الكاتب AHMED AANIBA بتاريخ 16/07/2015 على الساعة 15:02 - 1047 مشاهدة

  

مهن نبيلة لا يعرف الكثير أسرارها

 تعتبر هذه المهن التي تدور في فلك الموت من المهن الغريبة على الأشخاص العاديين، غير أنها عادية لأصحابها وممتهنيها، على اعتبار أن زبائنهم مسالمون جامدون، لا يسألون عن الثمن، ولا يجادلون على جودة الخدمة؛ وقد كان اختيار ”الخبر” لهذه المهن دون غيرها لما فيها من تشويق وغموض، ولجهل المجتمع لممتهني هذه الأعمال وحبهم وتمسكهم بها، بالرغم من ارتباطها بما يخافه معظم الناس وهو الموت.  الطبيب الشرعي وغسّال الموتى.. ، يتعاملون مع الموتى كحقيقة يومية دون أي شعور بالخوف، بل يتعاملون مع الجثث بالحيادية في التصرف والاحترافية.
فيما تعد مهنة تغسيل الموتى من الأعمال الجليلة التي تنم عن إحساس بالوعي والضمير الحي، حيث يهدف أصحابها إلى نيل الأجر والحسنات، وأن هذه المهنة من المهن الشريفة والعظيمة معا، على الرغم من نظرة البعض ”الظالمة” اتجاهها والثقافة السلبية تجاه من يمتهنها، حيث يصل الأمر في بعض الأحيان إلى مرحلة الخوف الشديد من التعامل معهم أو حتى الاحتكاك بهم، دون مراعاة لحديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ”..من غسل ميتا فأدى فيه الأمانة، كان له بكل شعرة منه عتق رقبة، ورفع له به مائة درجة”

وأثناء تواجدنا بالمقبرة أثار انتباهنا تواجد أطفال صغار يلعبون على سورها، ما دفعنا إلى التقرب منهم وسؤالهم حول خوفهم من عدمه من المقبرة، خاصة وأنه اتضح لنا أنهم يقطنون بمحاذاتها، الطفل الأول كان يدعى ”أيوب. ي«، 7 سنوات’ والثاني ”مصطفى”، 6 سنوات. أيوب حدثنا عن عدم خوفه من المقبرة حتى ليلا لأنه ولد وتربى بجوارها، وأن كل قبر به إنسان مدفون فيه لا غير، مبديا انزعاجه من الحارس الذي قال عنه إنه يحرمهم من اللعب داخل المقبرة وبين القبور، فيما قال لنا مصضفى إن ”الإنسان عندما يموت يوضع في القبر ويتحوّل إلى هيكل عظمي ليذهب بعدها إلى الجنة”.. لنودّع بعدها البرعمين ونغادر المقبرة
 المقبرة.. الرحلة الأخيرة للعالم الآخرimages (8)
 تتواصل رحلة الميت لتصل إلى القبر الذي لا يبعد عن سطح الأرض سوى متر أو أقل، داخل المقبرة التي يتخللها صمت رهيب يخيم عليها، وأنفاس مكتومة ومئات من القبور المتزاحمة ورائحة الموت في سمائها ولا صوت يعلو فوق ضربات حفار القبور لوضع الجثث، فلا مكان للتفاوت الطبقي تحت الأرض بحيث يستوي فيها الغني والفقير، القوي والضعيف، الصغير والكبير، الجميل والقبيح. غير أن مهنة حفار القبور وحارسها مثلها مثل المهن المرتبطة بعالم الأموات، مرفوضة اجتماعيا وتسبب لهم نفورا يؤذيهم نفسيا، حيث يراها البعض نذير شؤم، ويتجنبون الحديث والتواصل مع ممتهنيها، ولا يقبلون حتى تناول الأكل أو الجلوس معهم ومخالطتهم، حيث يرمقهم البعض أحيانا بازدراء وأقل مرتبة في المجتمع.



مواضيع من نفس القائمة

أضف تعليقك

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.