طريقة التواصل بين الامس واليوم

الكاتب AHMED AANIBA بتاريخ 26/01/2015 على الساعة 10:34 - 1401 مشاهدة

في الثلاثينات من العمر … بهيئة المسؤولين الكبار ، معطف من الكاشمير الرفيع ، شعر مصفف و مغطى بزيت لامع ، تتخلله شيبة متواضعة ، ببياضها تخترق السواد الداكن ، كما يفعل واد بغابة كثيفة الأشجار … يحمل هاتفين ، يجري المكالمة الأولى …
ألو نعام سيدي ، صباح الخير نعام سيدي. . سمح لينا على الإزعاج نعام سيدي … غير او كان داو لي طوموبيل نعام سيدي … ايلا كان ممكن نعام سيدي … يصمت قليلا .. ثم يعطي مواصفات سيارته و المكان الذي أخذها الأمن منه.. و يكمل كلامه .. الله يعطيكم الخير نعام سيدي .. شكرا نعام سيدي ، لهلا يخطيكم نعام سيدي … احتراماتي نعام سيدي ..
يغلق الهاتف … يتنفس بسرعة يصدر صدره تأوهات … ثم يتحول في ظرف ثانية ، من ذلك العبد الذي كان يحني رأسه في مكالمة ، من ذلك الذل الذي كان يغشاه و يكتم أنفاسه ، من ذلك الخوف الذي كان يرتج له صوته … يتحول إلى نسر كاسر … أسد خارق. .. يحمل الهاتف الثاني يجري مكالمة ..
ألو فلان .. صافي سير انت جيب الطوموبيل .. متقوليهم والو غير سير ، و دخل عند فلان … و متعطلش .. !

يغلق الهاتف و بنزوة قط انقض على فأر حقير ، و بفرحة صبي بعلبة ألوان … يطل من نافذة سيارة الأجرة منتشيا سعيدا فرحا …
و أنا أسمع لكل هذه الحوارات … أدرك جيدا أننا مازلنا في عصر ما قبل البشرية … عصر ما قبل الحضارة ، عصر الخنوع و الذل ، عصر العبودية المشتهاة ، عصر وباء الحقارة المتسلط … أتأمل نفسي و أنا عائدة … لأسمع كل هذه الخسة … لأسمع أنك بهاتف يمكنك أن تعيد سيارتك التي كنت تركنها في مكان غير قانوني .. بهاتف ذليل ، تمجد فيه المسؤول بنعام اسيدي … في حين أن المشفى يجري آلاف الاتصالات يوميا ، فقط ليوفروا له آلات تخطيط القلب .. و لا من مجيب .. !

وضعت سماعاتي في أذني ، و شرعت أغني مع ذلك المصري الذي لا أعرف اسمه … طاطي راسك طاطي طاطي … انت فوطن ديموقراطي .. !



مواضيع من نفس القائمة

أضف تعليقك

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.