اخر الأخبار

صورة المغرب بعيون الآخرين ..بين عقد الماضي وحاضره الثقافي

الكاتب AHMED AANIBA بتاريخ 28/02/2014 على الساعة 11:31 - 1139 مشاهدة

 

لاشك أن ما قاله الممثل الإسبانى خافيير بارديم نقلا عن السفير الفرنسي فى الولايات المتحدة فرنسوا دولاتر بتوصيفه للمغرب ، بلد الأصالة والحضارة والتاريخ ، بقوله ” المغرب كالعشيقة نجامعها كل ليلة، رغم أننا لسنا بالضرورة مغرمين بها، لكننا ملزمون بالدفاع عنها“ ،لا علاقة له بلغة السياسة التي تخضع عادة لأصول الدبلوماسية، حتى عند التعبير عن دوافع عدوانية ، او مشاعر الكراهية، تغطى عادة وتغلف بجمل وعبارات مقبولة .

وسواء إعتذر الفرنسي وأنكر صدور مثل هذا التوصيف المهين، عن حقيقة ان القصة مفتعلة من قبل الممثل الاسباني خافيير، او صح وقوع الامر ،فان العنصرية التي تصل حد الغرور عادة عند بعض اهل الشمال ، يلاحظها كل من احتك بهم ، رغم الصراخ  حول حقوق الانسان ،لكنهم بأفعالهم وممارساتهم يستخدمون هذه فقط لتشويه صورتنا وإظهارنا وكأننا اقل منهم احتراما لإنسانية الانسان .وسواء صدرت هذه الاقوال من الدبلوماسية الفرنسية او تم اختلاقها من قبل الممثلاعتقد ان هناك دوافع اخرى تقف وراء هذه الواقعة ، اسهمت في تشكيل عقلية ونظرة الاوربيين والحاقدين الى المملكة المغربية بهذا الشكل المستخف المهين ، الذي لا يتناسب مع اوليات اللياقة والأدب .

لست خبيرة بعلم النفس ولكن عن بحث عن معنى و تفسير مثل هكذا توجهات ، أعتقد ، أن بعض دول الشمال ورغم حجم الهوة التكنولوجية والصناعية التي بيننا ، إلا ان اغلب الاوربيين عموما محكومين بعقدتين ليس من السهل انتزاعهما من العقل الباطن لبعضهم، الاولى : مهما بلغ الغربيين من درجات متقدمة من التطور العلمي والتكنولوجي ، فهم اكثر الناس فهما لمعنى الحضارة وما تتضمنه من معاني انسانية سامية ، التي تعوزهم وهم في اوج تقدمهم العلمي . قيم اخلاقية تظل هي الاسمى من كل تقدم تكنولوجي او صناعي . والشعب المغربي كأي من الشعوب العربية مازال متمسكا بقيمه الاسلامية وما تتضمنه من معاني حضارية رغم ما يشوب حوله من تشوهات مفتعلة ، شعب تحكمه الاخلاق القيمة بكل مضامينها من التماسك العائلي ، والصدق والأمانة والصراحة والكرم ، واحترام الجار ،وغيرها من المفاهيم الاخلاقية التي لم يعد لها مكانة في مجتمعات الغرب ، القائمة على اساس الحريات الفردية ، المفرغة من محتواها الانساني التي تصل حد الانحلال الخلقي عن الالتزامات تجاه المجتمع والأخر . لذلك يظل الاجنبي او الغربي ينظر بعين الحسد والغيرة لهذا التماسك الاجتماعي الذي يعيشه شعبنا المغربي . . هذا هو التحليل السيكولوجي .

العقدة الثانية: عجز الزمان عن محو ذكراها على ما يبدو ، تلك هي وصول العرب والمسلمين ، وهم في اوج حضارتهم وتطورهم الى مشارف مدينة بواتيه التي لاتبعد اكثر من 300 كم عن باريس ، والخوف الكامن في النفوس من ان يبلغوا المستوى المطلوب من التقدم التكنولوجي والصناعي ما قد يدفعهم لتكرار العملية. لذلك تظهر على سلوكيات بعض الاوروبين ميل للتصغير والاستهانة بدول المغرب العربي والعرب عموما، ليطمئن بداخلهم مخاوف كامنة باللاشعور وتهدئتها .

والمملكة المغربية في ظل السياسة الحكيمة التي ينهجها جلالة الملك محمد السادس، والانجازات الكبيرة والافاق المستقبلية في مجال التنمية والسعي الى الديمقراطية والحكامة الجيدة ، وما تنعم به المملكة من امن واستقرار، بفضل حجم الحريات التي تعيشها في عهد جلالته، تجعل المغرب الموضوع الاكبر لخوف اعداء وحدته الترابية وحقد الغرب على استقراره . والسير بتشويه سمعته ، تارة تحت دعوى فارغة باسم حقوق الانسان ، وأخرى بالمساس بقيم وأخلاق شعبه ، كما تجلى ذلك في قضية استدعاء السيد مدير مراقبة التراب الوطني للمثول امام محكمة فرنسية ، وتجاوز كل الاعراف والتقاليد الدبلوماسية ، وكأنه موظف في دائرة فرنسية ، ما يشكل استخفافا وتجاوزا لسيادة الشعوب على دولها ، عملية مقصودة، تؤشر لإفلاس وفشل اللوبيات المعادية للمغرب في تشويه السمعة الدولية الراقية التي تتمتع بها دولتنا ، فلو صح ما قاله المشتكون بحق مدير مراقبة التراب الوطني ، فان القضاء المغربي بحكم التزام المملكة بحقوق الانسان والحريات الديمقراطية ، ما يوفر للمشتكين فرصا كبيرة من رفع دعواهم امام قضائنا الوطني ، وهو ليس اقل عدلا ولا انصافا من القضاء في اي من دول الديمقراطيات الغربية على فرض صحة ما يقولونه، والكذب ظاهر في الدعاوي من خلال عجزهم في اثباتها امام المحاكم الوطنية . مع ان كامرون رئيس وزراء اقدم واعرق دول الديمقراطيات الغربية ، لا يتردد بأن يصرح علنا ( لا تسألني عن حقوق الإنسان عندما يتعلق الامر بالأمن القومي ) ، مع ان بريطانيا لا تخضع لنفس ما يتعرض له المغرب من تهديدات ومؤامرات تهدف للمساس بوحدته الترابية ، فما زالت الخرائط الرسمية للمملكة تقتطع جزءً كبيرا وغاليا من اراضيها.ولا يدري الانسان ماذا كان سيحصل لو ان نفس الامر تعلق بالأمن القومي الفرنسي ، وتجربة القمع المفرط بالقسوة التي عاشها شعب الباسك ، غير بعيدة عن الاذهان . بقدر ما يشعر الانسان بالأسف من صدور مثل هكذا سلوك من دول تدعي الالتزام بالديمقراطية وحقوق الانسان . فإنه يلوم بالوقت نفسه بعض من شبيبة المغرب ، اولئك الذي يعيشون نفس المستوى من الشعور بالإحساس بالدونية بتشبههم بالغرب ، وتظاهرهم المخجل في تقليده الأعمى ممن يعتقد ان الحضارة والتقدم يمكن ان يتحققا من خلال تقليد الغرب وتبني لغته ، وأساليبه في التحلل الخلقي ، ما يعكس قمة الانحطاط والتصاغر .والفرنسي يعرف دوافع الشعور بالدونية هذه ، التي يعاني منها بعض شبابنا ، ما يخلق عنده نوع من الغرور والإحساس بالتفوق ، وإلا فهو يرفض ما لم يكن مضطرا التكلم بغير لغته . لعل مثل هؤلاء الشباب الذي لا يدركوا معنى الهوية الوطنية وقيمها ودورها في تشكل عوامل الاحترام بين الامم والشعوب الاخرى ، هم سببا اخر لان يستهين الاخرين بنا وينظر لنا تلك النظرة المهينة التي لا تخلوا من مشاعر التكبر والنظر لنا من فوق ، كشعب بلا هوية اخلاقية او حضارية . ان سمعة البلد ، ومكانته الدولية ، هي واجب وطني على كل مغربي ومغربية ، تتجسد بالالتزام والتمسك بالهوية الوطنية المغربية انطلاقا من الاعتزاز والتمسك باللغة الوطنية.



مواضيع من نفس القائمة

أضف تعليقك

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.