ثقافة : ذكريات طفولية جميلة لاتنسى

الكاتب AHMED AANIBA بتاريخ 03/11/2016 على الساعة 17:53 - 1761 مشاهدة

telechargement-34من الذكريات التي لا تُنسى تلك الصباحات الجميلة ، التي كنا نستيقظ فيها باكرا ، يتحرك كلٌ منا في اتجاه استعدادا للمدرسة ، ولأني الفتاة الوحيدة بين الأولاد في منزلنا أصبحتُ مهمة أمي الشاقة ، فهي تأبى إلا أن أكون في أجمل حُلة وأتم استعداد ، كانت تهتم بي كثيرا ، وتحرص على أن يكون مريولي مرتبا ،وحذائي نظيفا ، وكتبي منظمة ، ولا تنسى أن تضع لي مصروفي اليومي، درهمان في جيبي الصغير ، ورقم هاتف منزلنا في ورقة صغيرة كانت تضعها لي داخل الحذاء تحسبا لضياعها ، وكانت تحرص على تسريح شعري الناعم بظفيرة مزينة بشريطة بيضاء ، وتوصيني بعدها أن أهتم بنفسي وألا أعبث بظفيرتي وأن أحافظ على هندامي فالترتيب والنظافة عنوان الإنسان أمام الناس..

أذهب إلى المدرسة الابتدائية ، مستقبلة العالم بقلبي وفكري ، كنت أحبها لأنها مليئة بالبنات أمثالي ، لذلك اجتهدت في إرضاء أكبر عدد منهن ، كنت ألقي التحية عليهن وأصافحهن كل صباح ، ولكن ما إن يبدأ وقت الحصة حتى أهدأ وأبادر بالنظام والهدوء والاجتهاد ، لا أريد أن تصل إلى أذن أمي إلا الأخبار السارة عني..

جرس الفسحة يعني لي بهجة الحياة ، كنت أترقبه بشغف فهو أجمل جزء في اليوم ، وما إن أسمع صوته حتى أسرع في الخروج من الفصل بأسرع ما أوتيت من قوة ، فها قد بدأ السباق نحو المقصف لشراء وجبة الصباح ، والحظ والسبق للتي تصل أولا ، لأن عدد الفطائر التي كانوا يحضرونها من المخبز لا تكفي للجميع ، كنت أسرع لأحصل على واحدة ، وحينما أصل إلى نافذة المقصف الكبير أمد يدي للمعلمة المسؤولة أعطيها الدرهمين ، ولكن دراهمي كانت تتطاير عبثا ذلك أن فوجا من الفتيات الكبيرات اصطف خلفي ، وها هن يدافعنني حتى يقضين على كل فرصة للتنفس ، كنت أكابر وأتحمل وأشد على نفسي ما استطعت ، وحينما أفشل في التماسك كنت أرفع صوتي بالبكاء عاليا مستغيثة بالمعلمة ، كانت المعلمة تشفق علي وتمد يديها لتنتشلي من هذا الزحام وتدخلني من نافذة المقصف ، وبعدها تهدئني وتمسح دموعي وتعطيني ما لذ وطاب فأجلس معها أشاهد التدافع ولكن من الضفة الأخرى!!

وبعد أن أنتهي من وجبتي يبدأ اللعب ، حيث كنت أفضلُ الألعاب الجماعية التي تستوعب أكبر عدد من البنات مثلا لعبة القطار السريع وأختار دائما أن أكون قائدة القطار المنطلق حيث كانت الفتيات يتشبثن بمريولي ويمسكنني بقوة حتى يلحقن بركب القطار الذي يطوف أرجاء المدرسة كلها ، وكنا ننشد جميعا :  ( أنا القطار السريع … توت توت … أمشي في سكة حديد …. توت توت ) ..images-31

تتملكني السعادة في تلك اللحظات ويزيد حماسي بزيادة عدد الملتقحات بالقطار ، وأكثر ما كان يزعجنا صوت الجرس حين تنتهي الفسحة ، تصيبنا خيبة الأمل كنا نسرع لثلاجات الماء لنغسل وجوهنا المحمرة بالماء البارد ونشرب الماء قبل بداية الحصة ، لتمر الحصص الأخيرة ونحن أقل نشاطا ، عدا أن يكون لدينا حصة احتياط ، فتدب فينا الحياة من جديد ، ونلعب كل الألعاب الورقية ، ونرسم ونلون ونعيش مرح حصة الفراغ كما يسمونها ..

إنه جرس نهاية الدوام ، الآن سأعود للبيت ولعالم الأولاد ، ولكن المشكلة أن هندامي ليس كما تتمنى أمي ، والمشكلة الكبيرة أن ظفيرتي شعري قد تلاشت ولا أثر للشريطة !! يالتعبك يا أمي .



مواضيع من نفس القائمة

أضف تعليقك

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.