“بويا عمر “رعاية المرضى في غياب مؤسسات استشفائية

الكاتب AHMED AANIBA بتاريخ 31/03/2014 على الساعة 15:46 - 1242 مشاهدة

téléchargementtéléchargement (1)

بعد الرواج الكبير الذي خلقته سوق مدمني المخدرات المرحلين من مدن الشمال إلى «بويا عمر « للإقلاع تحت الإكراه، كسدت تجارة احتجاز المرضى نفسيا وعقليا بهذه الزاوية وفي القرى المجاورة لها، إذ كانت جميعها تجد في هذا النوع من المرضى قوتها اليومي ومصدر مدخولها على مدار السنة. ووحدهم المدمنون الآن يستقبلون بحفاوة لأنهم لا يحتاجون إلى خدمات قد تضع «الشريف» في موضع لا يحسد عليه، كما هو الحال بالنسبة إلى المرضى عقليا، إذ يكون المشرف على رعايتهم بمقابل مالي، ملزما بنظافتهم ونقلهم إلى المراحيض، والاضطرار إلى تحمل صراخهم وعنفهم وتلطيخ كل مكان، ونشر أمراض ناتجة عن غياب النظافة الشخصية، خاصة الجلدية منها. قبل سنوات، أي قبل انتشار المخدرات القوية على وجه الخصوص في مختلف المدن ، خاصة مدن الشمال، كان المرضى عقليا ونفسيا هم الشريحة الأولى التي تستقبلها زاوية بويا عمر، عدا «المسكونين» الذي يأتون طلبا لطقوس معينة، واستجابة إلى ما يعتقدونه نداءات الأولياء الصالحين، ووجوب البقاء في المكان أو تقديم قرابين خاصة إلى الولي لتحريرهم من الجن، وكانوا مميزين، إذ لم تكن أغلبيتهم تستجيب إلى أي طقوس ولا تطلبها ولا تمارسها، بل لا تأبه بها أصلا، حتى وإن كان بعض «الشرفا» يروجون «قدرة» الولي « بويا عمر» على علاج المرضى عقليا ونفسيا وذلك لجلب عدد أكبر من الزبناء وضمان مدخول أكبر وتوسيع هوامش الربح، بتقديم القرابين والشموع والهدايا والعطايا التي يجود بها أهالي المرضى.
ولم يكن «الشرفا» ليفرقوا بين المرضى نفسانيا حسب الفئات، إذ لم يكن رائجا، تقول مصادر من المنطقة، في تلك الفترة المرض النفسي والعقلي نتيجة اللإدمان على المخدرات، بل كان المجتمع ينظر إلى كل مريض نفسانيا على أنه مصاب بمس شيطاني وأن للولي الصالح القدرة على علاجه، وكل ما كان يفعله «الشرفا» هو احتجاز المرضى، وإجبارهم على ممارسة طقوس معينة، لكن في الآن ذاته كانوا يعلمون أن من بينهم مرضى عقليا لا يأتي بهم ذووهم إلى «بويا عمر» طلبا للعلاج، بل لاحتجازهم وتخليصهم من مسؤولية رعايتهم في غياب مؤسسات استشفائية كافية تستقبل هذا النوع من المرضى، لذلك كانوا يخضعون إلى ابتزاز «الشرفا» ويسلمون أبناءهم لهم مقابل أجرة شهرية في مقابل الاعتناء بمرضاهم، ولو قيدوا إلى الجدار بسلاسل. الآن، تضيف المصادر ذاتها، الأمر يختلف كلية، لأنهم لا يقبلون بجميع المرضى عقليا، لأن العرض أكثر من الطلب، فعدد مدمني المخدرات القوية الذين تجلبهم أسرهم إلى الزاوية للإقلاع عن الإدمان أكبر بكثير من المرضى عقليا، بل يملؤون كل المآوي والبيوت المفتوحة لهذا الغرض، وبالتالي فإن «الشرفا» لا يجدون أنفسهم مضطرين إلى قبول احتجاز المرضى عقليا، نتيجة سلوكاتهم العدوانية من جهة، وعدم قدرتهم على الحفاظ على نظافتهم الشخصية ولو نسبيا، إذ في السابق كان «الشرفا» يستعينون من حين إلى آخر بنساء لتنظيف الغرف التي يقضي فيها المرضى عقليا حاجاتهم، ويلقون فيها بكل شيء كيفما اتفق، لكن المدمنين، وأغلبيتهم من أسر ميسورة يعفون «الشرفا» من خدماتهم، لأنهم يحافظون على نظافتهم الشخصية، ويستخدمون المراحيض، ويستسلمون لطريقة «الشرفا» في تخليصهم من الإدمان، ولو كان ذلك عبر احتجازهم وتقييدهم.
بعض المرضى عقليا الذين أهملتهم أسرهم في الزاوية، لا يستفيدون من أي خدمة من خدمات الزاوية، إذ يعيشون في حالة تشرد، ويعترضون سبيل الزوار ليقتنوا لهم حاجياتهم من الدكاكين المنتشرة في المكان.

 



مواضيع من نفس القائمة

أضف تعليقك

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.