بحث حول “تمثل سكان العطاوية للاضرحة في علاج الامراض العقلية “بويا عمر نمودجا “

الكاتب AHMED AANIBA بتاريخ 27/11/2014 على الساعة 11:38 - 2903 مشاهدة

 كبيرة الريحي 10424353_545173605608703_7579961703175844089_n

 images (9)

موضوع هذه الورقة يتمحور حول بحث لنيل شهادة الاجازة في الدراسات السوسيولوجية لكل من  الطالبين “محمد احديدو   والطالبة كبيرة الريحي “في عنوان” تمثل سكان منطقة العطاوية اللاضرحة في علاج الامراض العقلية ( بويا عمر نمودجا )”. وكما هو معلوم فالمهتم بهذا الموضوع سيجد مجموعة من الصعوبات   في ما يخص البحث الوثائقي، فهناك شح في الدراسات الإثنولوجية و الأنتربولوجية المتعلقة بهذا الموضوع.  téléchargement       

في هذا الخصوص كان الاعتماد على بيبليوغرافيا متخصصة، و على دراسة تناولت موضوع المعتقدات الدينية في المجتمع المغربي والتي خصصت بعض عناوينها للدور الاستشفائي للأضرحة في المجال القروي،وان الايمان والاعتقاد ببركات الاضرحة لاتزال حاضرة وقوية الشيئ الذي يدفع الناس الى اللجوء اليهم في حين ان هذه الاماكن تحولت الى مشاريع اقتصادية ومالية يجني السكان من ورائها ارباحا طائلة .وحسب البحث الذي بين ايدينا والذي اشرفت عليهالدكتورة رشسدة حزم فاننا نطرح عدة اسئلة téléchargement (1)

      ما هو الضريح؟ وما هي تمثلات المغربي المحبوكة حول الضريح والتي تجعله يؤمن بقدرته، أي الضريح، على شفاء مجموعة من الأمراض خاصة منها العقم والأمراض العقلية؟ وما هو سر استمرار الضريح في أداء وظيفته العلاجية في المجال القروي، رغم وجود مجموعة من المؤسسات العلاجية العصرية في المجتمع المغربي

فالضريح هو مكان مقدس يعتقد أنه قبر لشخص مقدس يمتلك البركة، أي قدرات خارقة للتوسط عند الله من أجل قضاء حاجات الناس كعلاج بعض الأمراض المستعصية. وهناك نوعان من الأضرحة:

هناك الأضرحة الكبرى،  التي تأخذ شكل زوايا تتمتع بشهرة وطنية كضريح سيدي أحمد التيجاني بفاس وضريح سيدي أحمد الشرقي بأبي الجعد ومولاي عبد السلام بن مشيش بمنطقة جبالة، وهي أضرحة متميزة على المستوى الجمالي والاقتصادي.       وهناك أيضا الأضرحة الصغرى، و هي عبارة عن قبور وهمية أو حقيقية لأولياء ذوي شهرة محلية وهي ذات بنيات متواضعة. images (8)  

كما تم التركيز  هنا على البحث على الطقوس التى ترافق العلاجات التقليدية كما تم الاهتمام   بالبنيات القروية داخل المجتمع المغربي، وذلك راجع بالأساس لاحتلال المدن في الماضي على المستوى المجالي والمكاني قسطا ضئيلا بالمقارنة مع المجال القروي، وهذا ما يفسر لنا انتشار الأضرحة بهذا المجال. كما يمكننا إضافة تفسير آخر يدافع عنه مجموعة من الباحثين الذين يعتقدون بوجود علاقة وطيدة بين المجال الإيكولوجي و الثقافة. مفاد هذا التفسير وجود حضور لافت للمقدس داخل المجال الزراعي، وهذا راجع بالأساس لأهمية الخصوبة بنوعيها داخل هذا المجال: النوع الطبيعي والضرورة الحيوية للتساقطات المطرية داخل مجتمع أغلب أراضيه الفلاحية بورية نموذج المغرب الذين  يعتبرون اليد العاملة الأولى داخل المجال القروي حيث تناط بهم  مجموعة من الوظائف اليومية كالحطب، الرعي، وجلب الماء، وهذا ما يفسر لنا ما يمكن أن يتعرض له الرجل أو المرأة الغير قادران على الإنجاب. فالمرأة تنعت بالأرض الجرداء أما الرجل فبناقص الرجولة. ورغم اعتقاد المغاربة بأن الإنجاب نعمة من عند الله فهم يؤمنون في المقابل بضرورة “السبب”، ونظرا للعوائق الجغرافية والمادية والثقافية للولوج لمؤسسات عصرية لعلاج العقم، فالرجل أو المرأة الغير قادران على الإنجاب لا يجيدان بديلا عن الضريح كالسبب الوحيد المتوفر.

إن ظاهرة الصلحاء، هي ظاهرة قديمة قدم الإنسانية ومفادها قدرة بعض الأشخاص على خلق الخوارق والمعجزات كاستشراف المستقبل، وعلاج الأمراض المستعصية. فالإسلام عندما وصل شمال إفريقيا وجد هذه الظاهرة منغرسة في المجتمعات المغاربية. الإسلام حاول القضاء على هذا الاعتقاد لكن لم يستطع. فالنبي نفسه رفض اعتباره وليا صالحا و صانع معجزات، ولكن هذا لم يمنع معاصريه من نسب المعجزات له، أولا لصعوبة اجتثاث هذا الاعتقاد من عقليات الناس فلكل ولي صالح ضريحه وفي بعض الأحيان موسمه الذي يحمل اسمه، فالمرضى لا يقصدون فقط الولي الصالح لطلب الشفاء بل يقصدون أيضا الأخصائيين في الطب الشعبي الذين ينشطون بجانب الضريح أو داخله، ومن بينهم الفقيه المختص بالتعزيم. هناك ايضا الفقهاء السحرة الذين بإمكانهم القيام بالتعزيم إلا أن وسائلهم العلاجية تختلف عن الفقيه، فهم يعتمدون على الحضرة، البخور، الافرازات  البشرية والحيوانية، وعملهم ينقسم إلى قسمين عمل رباني (شفاء بعض الأمراض مثلا) وعمل شيطاني (التسبب في بعض الأمراض). و أخيرا هناك الشواففة، و هي سيدة يشاع أنها تتوفر على قدرات خارقة، كرؤية الغيب و وصف العلاجات والوصفات الملائمة لمرض معين (بخور، أعشاب وحيوانات).

 للولي الصالح أيضا موسمه الخاص به، يحج له الناس من كل فج لزيارته، وهذه الزيارة تأخذ طابعا ترفيهيا، حيث تقام بمقربته الضريح مجموعة من الأنشطة التجارية و الترفيهية كالملاهي و السهرات الليلية والرقص والتي تمثل بالنسبة للحجاج والمرضى متنفس وإطارا لتصريف الضغط  الذي يأخذ  ، في بعض الأحيان، شكل اضطرابات نفسية يتم تفسيرها بمس من طرف قوى خفية شريرة .

الاعتقاد بالجن  اعتقاد قديم جدا. وهو مستمر مادام الإنسان يشعر بالقلق من الطبيعة وعاجز عن تفسير بعض ظواهرها. فالجن ليس ابتكارا إسلاميا ولكن ما سيقوم به الإسلام هو صبغ هذه الظاهرة بألوان إسلامية عن طريق استدماج بعض الجن وتسميتهم بالمؤمنين ثم سيقوم بشرعنة وجودهم عندما سيضع لهم أعداء وسيسميهم بالكفار.

 فما هو سر استمرار الضريح في أداء وظيفته العلاجية رغم وجود مجموعة من المؤسسات العلاجية العصرية داخل المجتمع المغربي

وأخيرا يمكننا التساؤل عن سبب استمرار ظاهرة الأضرحة داخل مجتمع غزته التكنولوجيا المتطورة التي شملت حتى الميدان الصحي. يمكننا ارجاع هذا الإستمرار إلى مجموعة من العوامل :      دعم الدولة لهذه الأضرحة والسماح لها بالوجود وممارسة الأدوار العلاجية.. فهي تخفف الضغط على المستشفيات وتعوضها في الأماكن النائية. كما أنها ملجأ للبسطاء والفقراء الغير قادرين على تسديد فاتورة الوصفات الطبية والفحوصات المتعلقة بالأمراض الخطيرة.     مؤسسة الضريح تمثل عامل جذب بالنسبة للمرضى البسطاء والقرويين لأنها مكيفة مع ثقافتهم.

   مساهمة الضريح في الاستقرار السياسي والاجتماعي داخل المجتمع المغربي في ظل خدمات صحية متدهورة و يزيد تدهورها كلما توجهنا نحو المناطق القروية النائية. و على هذا الأساس فالضريح يلعب دور الفلينة التي تسد ثقب الباخرة



مواضيع من نفس القائمة

أضف تعليقك

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.