اخر الأخبار

العمال المناولون.. عبودية القرن الواحد والعشرين

الكاتب AHMED AANIBA بتاريخ 02/04/2019 على الساعة 01:47 - 705 مشاهدة

téléchargementشركات المناولة في مجال التشغيل تم اللجوء إليها بحسب المتتبعين لإخراج المقاولات من الأزمات، بحيث انتشرت في أوربا سنوات السبعينيات، وفي السنوات الأخيرة ازداد وقع تأثيرها نتيجة آثار العولمة على علاقات الشغل وطبيعة الاستثمار الذي فرض اللجوء إلى «المرونة» كوسيلة لمقاومة المنافسة الشرسة التي أصبحت تميز نظم الإنتاج الجديدة، خاصة لدى المقاولات التي تقوم بالنشاط الصناعي، والتي تمتنع عن ترسيم أجرائها للتفرغ للتصنيع، لذا فوتت قطاعات كالنقل والحفر وغير ذلك لشركات المناولة التي تتكلف بذلك من الألف إلى الياء.
وتوفر شركات المناولة في المغرب – التي لم يحدد لها المشرع المغربي تعريفا واضحا يميز بينها وبين التشغيل المؤقت والوساطة في التشغيل- فرص عمل لآلاف المستخدمين، وفق إفادات مدافعين عنها، وساهمت إلى حد كبير في امتصاص نسبة البطالة على الصعيد الوطني بناء على الخبرة التي يكتسبها هؤلاء المستخدمون في عدة قطاعات منها الخاص والعام، غير أن ما يعاب على هذه الشركات التي يصطلح عليها في مدونة الشغل ب«مقاولات من الباطن» هو أن بعضها «يخرق» القانون، مستفيدا من «الغموض» الذي يكتنف بعض مواد المدونة المنظمة لهذا النوع من المقاولات في المغرب، وهو ما شجع على هدر حقوق عمال المناولة بمثل هذه الشركات التي تُضارب على الأجير، لأن هدفها الأساسي هو هدف ربحي، حيث تأخذ حصة جد مهمة من أجره الشهري.
غير أن السؤال المطروح هو لماذا تلجأ بعض الشركات الكبرى والمتوسطة إلى التعامل مع هذه الشركات رغم كونها تتكبد خسارة مالية جراء ذلك. السبب، بحسب ذوي الاختصاص، هو «تهرب هذه الشركات من الالتزام قانونيا بحقوق اليد العاملة». وغالبا ما يتم تحديد الأجر الممنوح للمقاولة المناولة عن كل أجير في 6000 درهم، يقول مصدر نقابي، فيما يكون نصيب المستخدم من هذا المبلغ 2000 درهم فقط في أحسن الأحوال، وقد لا يتجاوز 1000 درهم. مصادر «المساء» أكدت أن بعض هذه الشركات أصبحت لها خيوط متشعبة وأضحت تبحث عن مستخدمين يقبعون في الفقر بدواوير ومناطق نائية، لا يدركون أدنى حقوقهم القانونية و«يرضون بأي شيء»، حيث يتم استغلالهم بأبشع الطرق. وأضاف المصدر ذاته أن بعض الشركات المشغلة يكون همها الشاغل «عدم توفير الاستقرار لليد العاملة على جميع المستويات»، وهو ما توفره شركات المناولة المذكورة، حيث تلعب دور من «يكوي ويبخ»، وهي تستنزف من أجورهم حوالي الثلثين رغم المهام الشاقة التي تسند إليهم وخطورتها الصحية أحيانا.
صمت «غير مفهوم» حتى من الجهات الرسمية تجاه هذا النوع من الشركات التي تتسبب في معاناة اجتماعية لفئة عريضة من المجتمع و«تخرق القانون»، فيما البعض يحمل المسؤولية لمفتشي الشغل متهمين إياهم ب«التقصير» في مراقبة هذا النوع من الشركات، فيما يؤكد مفتشو الشغل أن مهمتهم جد صعبة، لأن بعض هذه الشركات غير مرخص لها من طرف وزارة التشغيل. وتساءل بعض مفتشي الشغل -الذين لا يتجاوز عددهم 400 مفتش على الصعيد الوطني ومن 2011 لم ينضاف إليهم أي مفتش شغل جديد، مما يصعب من مهامهم-(تساءلوا) عن مصير بعض المحاضر التي يتم إنجازها من طرفهم، بحيث تظل رهينة دهاليز المحاكم وغالبا ما لا يتم إنصاف هؤلاء الأجراء الذين يطردون من عملهم، وإذا تم تعويضهم فإن التعويض لا يتجاوز ال10 آلاف درهم.
وحسب مختصين فإن المغرب يضم حوالي 960 شركة للمناولة من بينها من تمزج ما بين المناولة والتشغيل المؤقت، غير أن حوالي 32 في المائة فقط من هذه الشركات هي التي تلتزم بأداء مستحقات وواجبات مستخدميها بالشكل المطلوب، وتحترم حقوقهم القانونية والاجتماعية، وتؤدي اشتراكاتهم في الصناديق الاجتماعية، فيما باقي الشركات، حسب مصادر جد مطلعة، لا يهمها سوى الربح المادي ومراكمة الأرباح باستغلال «سواعد هذه الفئة وكدها وعرقها»، إذ يتم استغلال هؤلاء المتعاقدين عبرها بشكل «بشع» وهم غالبا من الطبقات المسحوقة اجتماعيا. أجور هؤلاء العمال الذين يجري إدماجهم في شركات خاصة «مؤقتا» مثلما قد تكون مؤسسات عمومية هي «جد مخجلة» ولا يمكنها بأي حال أن توفر عيشا كريما لصاحبها، فهم يتلقفون فقط «فتات» ما تجود به بعض هذه الشركات. ويتحول الأجير إلى مجرد «دمية» يتم تحريكها كيف ومتى شاء الطرفان ودون التأمين على حوادث الشغل، ودون تعويضات لا عن ساعات العمل الإضافية ولا عن العطل الدينية، فهو لا يتذوق طعم الراحة إلا يوما واحدا في الأسبوع فيما فئة أخرى محرومة تماما من أي يوم راحة وتعمل 7 أيام على 7 أيام في الأسبوع في مظهر شبيه بمظاهر «نظام السخرة» حيث يتم استغلالهم بأجر أقل من «السميك» وفي ظروف اشتغال قاسية لا تليق بكرامة الإنسان، وفي بعض الأحيان قد يشتغلون بدون عقد شغل.
لكن، إذا كنا اليوم ومن خلال هذا الملف نحاول لفت الانتباه إلى موضوع هو إنساني بالدرجة الأولى، لارتباطه بأرزاق آلاف وربما ملايين المغاربة التي «تسرق» منهم بشكل أو بآخر، من خلال بعض هذه الشركات التي تناست أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال منذ قرون «أعط الأجير حقه قبل أن يجف عرقه» في الوقت الذي «تقتات هذه الشركات على عرق هؤلاء الفقراء» ويتجاهل فيه المسؤولون دورهم بهذا الخصوص وحماية هذه الفئة. وللإشارة ف«المساء» اتصلت بوزارة التشغيل عدة مرات من أجل أخذ وجهة نظرها في هذا الموضوع، إلا أن كل جهة كانت تحيلها على جهة ثانية دون أن نتمكن من إمساك رأس الخيط بهذا الخصوص.



مواضيع من نفس القائمة

أضف تعليقك

من شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.